صفحات منسية ‏في ‏تاريخ ‏الفنون ‏التشكيلية ‏1

بقلم : محمد المي

جدت في بداية السبعينات داخل الأوساط التشكيلية التونسية معركة وتعالت أصوات الاحتجاج والتنديد نتيجة معرض أقامه  " الاتحاد القومي الفنون التشكيلية " بقاعة المعارض الفنية التابعة لبلدية العاصمة .

ماكان المعرض ليثير ما أثار من جدل لولا أن الأتحاد خصص جائزتين لأحسن رسم ولأحسن نحت يشارك وقيمة كل جائزة ألف دينار وهو مبلغ كبير في ذلك العهد أغرى 84 فنانا تشكيليا للمشاركة في المعرض وفي المسابقة .
لجنة التحكيم
تكونت لجنة التحكيم من المشاركين أنفسهم حيث قاموا بالتصويت لأنفسهم وهي فكرة طريفة حيث لا يستطيع اي مشكك في القدح في نزاهة لجنة التحكيم أو انحيازها لطرف دون آخر .

نتيجة التصويت
الفائز الأول في الرسم هو الزبير التركي رئيس الاتحاد القومي للفنون التشكيلية وقد تحصل على 24 صوتا من جملة 84 

فيما تحصل عبد العزيز القرجي مع الهاشمي مرزوق على الجائزة الأولى في النحت وكان عدد الأصوات التي تحصلا عليها 17 صوتا من جملة 84 ؟ 

هذه النتيجة اثارت غضب المشاركين مما أدى ب " ابراهيم القسنطيني " سحب مشاركته فور الإعلان على النتيجة كشكل من أشكال الاحتجاج الشيء الذي جعل الصحفي توفيق بوغدير يكتب : 
" بقيت كلمة نريد أن نقولها في شأن النحات القسنطيني الذي سحب نحته من قاعة العرض فور ظهور نتيجة الاقتراع أنه كان عليه أن يترك الحكم للجمهور الذي يزور المعرض وأن يكون رياضيا واذا كان ثمة هضم جانب فالجمهور والنقاد لا شك ينصفوه . أما تصرفه ذاك وسحبه لانتاجه يجعل الجميع يعتقدون أنه قدم للمعرض بحثا للجائزة لا غير ..."(1)
أسباب الاحتجاج
هناك من اعتبر أن هيمنة اسمي الزبير التركي وعبد العزيز القرجي كان سببا في فوزهما دون سواهما خصوصاً وأن الزبير هو رئيس الاتحاد وبالتالي رجحت كفته لا لأهمية عمله وانما لمكانته 
والحال أن الزبير التركي لم يشارك في عدة معارض وكان يسعى لخدمة القطاع وقد قدم في هذا المعرض عملا جديدا يختلف عما ألفه الناس عنه .

وهناك من احتج على مشاركة القرجي بعمل نحتي والحال أنه رسام رغم ان القرجي قد شارك في معارض سابقة بمنحوتات ولم تثر لغطا مشاركاته تلك ؟ 

في هذه المسابقة تحصل محمود السهيلي على 10 أصوات فقط فيما تحصل غيره على 7 وعلى 4 وعلى 3 أصوات فقط ؟ 
لعل تشتت الأصوات هنا وهناك هو الذي قلل من حظوظ المشاركين 

التركي والقرجي يتنازلا عن الجائزتين

نتيجة اللغط الحاصل فقد تنازل القرجي للهاشمي مرزوق وبذلك لم تعد الجائزة مناصفة بينهما بل اصبحت كلها من نصيب الهاشمي مرزوق .
أما الزبير التركي فقد تنازل عن نصف جائزته ل " صندوق اعانة الرسامين " ليكون هذا المبلغ نواة " لهذا الصندوق الذي يمكن بل يجب أن يساهم فيه جميع الرسامين المعروفين خاصة والذي سيخصص ربعه لمساعدة الرسامين والنحاتين وغيرهم من الفنانين الصاعدين على التغلب على المشاكل المادية التي تواجههم في بداية الطريق " 
هذا نموذج من الأجواء التي كانت سائدة في تلك الفترة فأين واقعنا منها خصوصا ونحن نرى العديد من الفنانين يعانون الأمراض وقلة ذات اليد مع صغر سوق الفن في تونس وفي كل مرة تطفو الحالات الاجتماعية على الحالات الابداعية ؟ 
يتبع

تعليقات