من ‏سنة ‏1945 ‏لم ‏يتغير ‏المشهد


هموم تونسية

بقلم : محمد المي

أنهيت منذ أيام قليلة إعادة قراءة كتاب " حماري وحزب النساء " للكاتب الكبير توفيق الحكيم .

لا اعرف لماذا عدت إلى مطالعة هذا الكتاب فأنا منشغل ب" خريف الغضب " لمحمد حسنين هيكل وكتاب " دراسات في النقد والأدب " للدكتور لوبس عوض ورغم ذلك وجدتني آخذ استراحة قصيرة لأقرا كتاب الحكيم . 

ماشدني في هذا الكتاب ليس موقف الحكيم من المرأة وانما فصله الأخير الذي زج فيه طه حسين والعقاد ومحمد حسين هيكل وتوفيق الحكيم في جهنم وتخيل وضعهم هناك فأبان الحكيم عن روح مرحة . ساخرة، ناقدة تضاهي روح المعري في رسالة الغفران .

وشدني فصل آخر تحدث فيه الحكيم عن فنان تشكيلي طلب منه أن يرسم له بورتريه .

رفض الحكيم طلب الرسام في البداية لاعتقاده في دمامة خلقته وأنها غير صالحة للاستهلاك الفني 

ونتيجة الحاح الرسام سمح له برسمه شريطة ألا يرى الحكيم صورته بعد اتمام الرسام لها.

كان ذلك كذلك 

بعد أيام علم الحكيم أن هناك من اشترى تلك الصورة بمائة جنيه مصري ؟ 
تعجب الحكيم ونسي الأمر حتى جاءه يوما صديقه الاعلامي والكاتب المعروف عبد المنعم الصاوي صاحب مجلة " مجلتي " ودعاه إلى العشاء في منزله وهناك اكتشف الحكيم أن الصاوي هو الذي اشترى الصورة وأقام على شرف صديقه حفل عشاء ليعلمه ويحتفي به عندما اكنشف الحكيم ذلك كتب مايلي : 
"لقد خيل الي أني لست في مصر بل في أوربا فهناك نجد أمثال هذا التقدير من الزميل إلى الزميل . فهناك تسمع حقاً أن صورة "ويلز " تزين حجرة "برنارد شو " وان "موروا" يضع كتابا عن زميله "فاليري" لييسر على قرائه فهم ما دق من ارائه ..أما في مصر فما نعلم إلا أن فلانا طعن في زميله فلان ...وان هذا الكاتب شتم ذاك وقد اعتنقت صحافتنا هذا الأسلوب فجعلت تغري شخصيات الفكر والسياسة بعضهم ببعض للمباريات العلنية في أحدث ألوان السباب والاقذاع والاسفاف حاسبة بذلك أنها تسر قراءها كما كان العوام يسرهم قديما تنافر الديوك وتناطح الخراف حتى فسدت أذواق قرائنا وانحطت مشاعرنا وسفلت نفوسنا وأصبحنا نحن أهل الشرق ننظر الى العاطفة الرفيعة - اذا ظهرت- كأنها أعجوبة الأعاجيب والى العمل النبيل - اذا فلت- كأنه من الخوارق التي نستكثرها على طبيعتنا ." انتهى كلام الحكيم 
ماذا تغير في عهدنا هذا ؟ 
الجواب : لا شيء بل استفحل الوضع وكأننا في سنة 1945 تاريخ كتابة الحكيم لهذا الكلام ! 

تعليقات