ايام قرطاج السينمائية ومنطق الغنيمة.

ايام قرطاج السينمائية ومنطق الغنيمة.
مضى على بعث ايام قرطاج السينمائية خمس وخمسون سنة. وقد أمكن لها أن تستمرّ لأنّ مؤسّسيها رسموا لها توجّها واضحا ورؤية محدّدة قال في شأنها مهندسها الطاهر الشريعة : " المهرجان الدولي للأيام السينمائية بقرطاج هي بلا شك إنجاز هام جدّا لا لكونها أوّل مهرجان سينمائي دولي في افريقيا والعالم العربي، كما يردّد ذلك لغوا عديد الناس وكأنما" السبق" في ذاته نصر مبين، ولكن لأنها بُعثت  مهرجانا مخالفا في كنهه وغاياته واستراتيجيته وأدواته جميعا لكلّ المهرجانات الأخرى. "
وقد بذل جيل الرواد الذين تولّوا العمل في صلبها جهودا مضنية للنّأي بها عمّا يمكن أن يحيد بها عن هويتها كتظاهرة تنتصر للسينما التي تتناول مواضيع تعالج رغبة الشعوب العربية والإفريقية في الانعتاق من التخلّف وفي تجاوز مخلّفات الاستعمار وفي نحت جمالية سينمائية خاصة مستلهمة من ثقافة وتراث الشعوب في افريقيا والعالم العربي. وقد كان الاحتفاء في الدورات الأولى بالأفلام التي تندرج في هذا السياق مُدويّا مثل "سوداء فلان" لعصمان صمبان و "المخدوعون" لتوفيق صالح و "Bicots-nègres vos voisins" لمحمد عبيد هندو و"صامبي زنڨا" لسارة ملدُرور و"آموك" لسهيل بن بركة و"السفراء" للناصر الكتاري و"كفر قاسم" لبرهان علوية الخ... لكن المتابع للمهرجان في العشريتين الأخيرتين يلاحظ أنّ المهرجان بدأ يفرّط شيئا فشيئا في ما اشتهر به من التزام بخصوصياته فانساق وراء الأضواء والضجيج والنجوم لكنّ ذلك يمكن تفهّمه، في نهاية المطاف، بتعلّة العولمة وضرورة أن يجدّد المهرجان شبابه بعمليات " ليفتينڨ ". لكن ما أقدم عليه المدير العام في هذه الدورة لا يمكن ادراجه إلّا في خانة منطق الغنيمة. وما أُعلن عنه لحدّ الآن من فعاليات وضيوف ومكرّمين يصبّ معظمها في اتخاذ المدير التظاهرة لتحقيق مآرب شخصيّة وخدمة مصالح ذاتية في ظلّ سكوت مريب لسلطة الإشراف وللمجتمع المدني السينمائي الذي يبدو أنّه فقد لسانه ما يترك لنا حريّة التأويل بأنه قد يكون موعودا بنصيبه من الغنيمة.
ولنا عودة لتفصيل ما يمكن أن يجنيه المدير العام من غنائم على حساب سمعة المهرجان وتاريخه العريق.. ( يتبع) 
محمد الراضي تريمش.

تعليقات