محمد الهادي الشريف في معرضه الأخير

بقلم : محمد المي

الفن كالداء ان تمكن من صاحبه يظل يقاتله فيتعايش معه الى أن يرديه قتيلا وكم هم قتلى الفن ! 

هناك من نذر حياته للفن فطلق الدنيا ومافيها وباع ماله وعقاره من أجل فنه الذي به يحيا ويتنفس لأن الفن ليس تسلية في اوقات الفراغ وليس مجالا لتمضية الوقت بل هو موقف من الحياة ورؤية للكون يحدد بها الفرد علاقته بذاته وبالاخر وبالكون .

محمد الهادي الشريف اصابته لوثة الفن بعد التقاعد المهني وقرر نذر ماتبقى من عمره للفن شعرا وفنا تشكيليا وهو من أجل ذلك يبذل الغالي والنفيس ويحرص على الحضور والمشاركة وفرض الاسم في كل محافل الفن والفنانين حتى حول داره الى مرسم بل حول أبوابها الى معلقات شعرية وجدرانها الى معلقات لوحاته التي تعد بالعشرات في احجام مختلفة وبتقنيات مختلفة .

ما لاحظناه في معرضه الأخير وقد ضم عددا كبيرا من اللوحات وبعض التنصيبات الفنية أن عمله تطور واختلف رغم طابع العفوية الطاغي على حل لوحاته فقد استطاع تشكيل أعمال تشد الانتباه وتشي بموهبة ورؤية اكتسبها من امرين اساسيين : 
الأول : هو كثرة الاشتغال والانتاج الذي ينتج بالضرورة عملا مهما .
الثاني : الثقافة البصرية الناتجة عن زيارة المعارض ومواكبة مختلف نقاط التشكيل يعطي بالضرورة عملا ينطوي على رؤية ويستحوذ على ذاكرة وتجد فيه الأثر الفني الذي تنشد .

تلمس هذا وغيره وانت تتجول في رحاب معرض محمد الهادي الشريف الأخير في رواق الفنون ببنعروس .

معرض جدير بالزيارة والمشاهدة لأنه يبين عن قدرة امتلاك الشخص تقنية التشكيل ولو في سن متأخرة لأن الموهبة متوفرة وارادة التطور قائمة والايمان بالانجاز ماثل في ذهن المغرم بالفن ولا شيء غير الفن .

فقط ما ادعو اليه سي محمد الهادي الشريف هو الابتعاد عما يعتقد انه فن معاصر حتى لا يفسد به متعة المشاهدة والتجول في رحاب معرض استطاع ان يؤثثه بما يملأ البصر ويدعو الى اعمال التفكير .

تعليقات