فصاحة اللوحة ’ خيانة الكلام
كيف الدخول إلى اللوحة ؟ أمن الضوء ؟ أو ةمن
الظل ؟ أو من اللون ؟ أو من الإطار ؟ أو من الفضاء ؟ واللوحة هي كل هذا وأكثر من
هذا ’ وأنت ما عسى أن تفعل أيها الذاهب إليها العائد منها سوى أن تقول كلاما ’
والكلام على الكلام صعب كما يقال فمالك بالذي لا يقول إلا كلاما مضمنا ’ متواريا
صامته ناطق ’ وهادئه متفجر وواضحه كأشدّ ما يكون غموضا افتضاح إشارات وثراء دلالات
تملأ العين والروح معا .
إنها علاقتك الآن تبدأ مع اللوحة أيها المدجج
بالكلمات والمثخن بإيقاع نحوها وصرفها ’ تقرؤها فلا مفر لك سوى أن تذعن لها وهي
تكتب وحدها تشكلها ’ وتفصح ’وحدها -عن بنيتها الخاصة . لا مفر سوى الكتابة انطلاقا
منها وعنها بحثا عن صياغة لنظام معرفي / جمالي ’ مرجعي أو مرتقب قد تكون منه براء
. فالعلاقة بين الكلام واللوحة ’ في سيرورة القراءة هذه ’ ومن ثمة الكتابة ’ ما هي
- في نهاية الأمر - إلا اللوحة نفسها.
أوليس الفن
- في جوهره - إنما هو اقتناص لتلك اللحظة الهاربة وتحويل زوالها إلى خلود
حسب تعامل مع علامات ليس لها دوما غاية دقيقة وان كانت تندرج دوما ضمن الفضاء و/
أو الزمن .
لذلك ظلّت الوشائج بين الرسم والشعر مثلا
قائمة تفعل مفعولها - ولو بنسب متفاوتة - في أي توجيه تشكيلي مهما كانت حوافز
الهامه ’ وطرق تجسيد رؤياه انطلاقا مما تقدّم تمكن أن ننفذ إلى عالم الأمين ساسي
التشكيلي الذي ما انفك يجهد نفسه من أجل فرادة لا يشاركه فيها أحد . وتمايز لا
يغذيه إلا نزوع إلى اقتحام المجهول بكل ما فيه.
من دهشة وإدهاش ومتوقع ولا متوقع ’ وبكل ما
لا يحتمل فيه ولا يطاق بحثا عن صياغة أخرى
تأخذ فيها الرغبة مجالا حيويا ’ توقا إلى الخصب ’ ونفيا لكل ّ إمكانيات الخصاء.
لذلك فهو يؤسس ل "شاعرية شهوانية "
هي أقرب إلى "الإمتاع والمؤانسة " منها إلى أي شيء آخر ’ لا ينتفض فيها
الجسد توترا وتوترا إلا ليدخل في "لذة مؤلمة " يتواصل بها مع الآخرين في
مجتمع يقصي كل احتفاء بالجسد إن لم نقل قهره وقمعه أي مجتمع يكبت كل رغبة ويمنع كل
التذاذ .
من هنا يتسرّب الشعر خفيّا تارة ’ متخفيا
تارة أخرى ليلقي بظلاله وإيقاعه على رسوم
هذا الفنّان وكأنه يريد أن يعيد تلك
العلاقة بينهما إلى صفائها ونقائها الأول وبالأحرى إلى حميميتهما.
ماذا يتبقى من هذا الجهد الطموح ؟ قدرته على إمتاعنا
وذلك من صميم على إبداع يخرج عن تكرار المألوف ’ والجاهز ’ والمقنن سعيا إلى نحت
كيان مكتمل وشخصية متميزة وإضافة حقيقية في سياق مليء بالتحديات والعذابات معا.
والآن فليصمت الكلام ’ ولتنطق اللوحة
تعليقات
إرسال تعليق