مبدعون تونسيون حوكموا من أجل إبداعهم

بقلم : محمد المي 

الشاعر زمور أمام المحكمة : الحكم ب6 أشهر سجنا

أحيل يوم الثلاثاء 6 أفريل 1982 الشاعر الملتزم التليلي بن الهادي الغربي شهر زمور في حالة إيقاف على المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد لمحاكمته بتهمة النيل من كرامة رئيس الجمهورية وأحد أعضاء الحكومة طبق الفصل 48 من القانون عدد 32 لسنة 1975 والمؤرخ في 28 أفريل 1975

وبعد المناداة عليه من طرف رئيس المحكمة واستنطاقه أعاد التصريحات التي أدلى بها لدى الباحث الابتدائي ثم أحيلت الكلمة إلى لسان الدفاع المتركب من الأساتذة :

الطيب الغريبي

فيصل التريكي

محمد بركية

وبدأت المرافعات بتوجيه سؤال الى المتهم عن المدة التي تمت فيها إملاء القصيد فأجاب بأن ذلك يرجع الى ما يزيد عن 6 شهور وعلى حد التقريب خلال الصائفة الماضية فكان هذا العنصر مثارا لجدل قانوني يتعلق بالتقادم وتليت بالجلسة أحكام الفصل 78 من قانون الصحافة الذي تضمن أن الدعوى العامة تسقط بمضي خمسة شهور كاملة من تاريخ وقوعها وأن النيابة العمومية لا تكسب أي دليل على أنها حصلت أثناء الخمسة أشهر الماضية كما احتدمت المناقشة حول الجرائم إلا أنه طالما لم يقع التوزيع أو التلاوة منذ ما يربو عن 6 أشهر فان هذه المدة كافية لسقوط الدعوى العامة . واستغرب لسان الدفاع فيما يخص إصدار بطاقة إيداع ضد هذا الشاب في حين أنه لا وجود للتلبس الأمر الذي بموجبه يخول لوكيل الجمهورية إصدار بطاقة إيداع ثم وقع التطرق للقصائد الثلاث :

قفصة

يا من أطلتم الصلاة

تفتح سياسي

التي تليت بمعظمها من طرف لسان الدفاع بقاعة الجلسة وأجمعوا على أنها خلت من سوء النية وهو الركن الأساسي من جرائم الحق العام كما أنها لا تعدو أن تكون ذكرا لأحداث مرت بها البلاد التونسية كواقعة قفصة وعلى أنها عصارة وضع متأزم عاشته البلاد في أواخر السبعينات . هذا من جهة ومن جهة أخرى فان الفصل 48 من قانون الصحافة بفقرته الأولى والثانية لا يمكن تطبيقه في قضية الحال لعدة أسباب :

أهمها انتفاء الركن الأساسي وهو الترويج والعلنية وأنه بتتبع القصائد الثلاث لا نجد أي تعرض لرئيس الجمهورية .

وقد تناول المحامون مناقشة بيت شعري وعلى أن عجز هذا البيت مدح لأحد أعضاء الحكومة وليس بذم وأنه علينا أن ننظر إلى جميع الأمور من الزاوية المشرقة مع الملاحظة أن محكمة التعقيب أقرت العديد من قراراتها أن الأحكام لا تبنى على التخمين إنما تبنى على الجزم واليقين ’ واستعرض الدفاع الظروف الصعبة التي مر بها هذا الشاب سواء أثناء دراسته أو عند انقطاعه وهو في المرحلة الأخيرة من التعليم العالي وأنه طرق جميع أبواب الادارة ولم يجد شغلا وأخيرا انكمش على نفسه وأصبح يعيش حياة البؤس والشقاء وهو عينة من عينات شبابنا المتخرج من الجامعات الى حياة البطالة والتشرد وطالب لسان الدفاع في النهاية بتبرئة ساحة المتهم والقضاء بعدم سماع الدعوى إلا أن النيابة العمومية بعد أن قالت كلمتها أولا قام ممثلها مدافعا عن قرار الإحالة ذاكرا أن المتهم لمح إلى النظام الرئاسي وبالأحرى الى رئيس الجمهورية فوقع الرد عليه محددا من لسان الدفاع الذي وضع الأمر بين أيدي القضاء وتداولت المحكمة في هذه القضية دون أن تختلي بها واستمرت المداولة برهة من الزمن وعلى اثرها صدر الحكم الآتي بيانه .

بيانه :

قضت المحكمة ابتدائيا حضوريا بإدانة المتهم فيما نسب إليه وسجنه مدة 6 أشهر من أجل المس من كرامة رئيس الجمهوية وشهرين من أجل المس من كرامة أحد أعضاء الحكومة مع الضم ومعنى ذلك أن المتهم لا يقضي سوى 6 أشهر .

وعلى اثر ذلك خلت القاعة من الحاضرين الذين كانوا تجمعوا بالقاعة وخارجها منذ الصباح الباكر وحتى قبل أن تفتح المحكمة أبوابها ’ هذا واستنفدنا من السادة المحامين أن مطلبا استئنافيا سيقدم فورا إلى كتابة المحكمة


تعليقات