عم شعبان 1

إلى محمد ايت ميهوب ذكرى قيلولات مع عم شعبان


بقلم : محمد المي 

 

                   من لا يعرف عم شعبان الحجام لا يعرف المرسى القديم ببنزرت هو سره وأيقونته هو ذاكرته وهو الذي لا تفوته شاردة ولا واردة .
                   يفتح دكانه الصغير صباحا وأول شيء يقوم به رش سطل من ماء البحر أمام الدكان لاعتقاده أن ماء البحر يذهب العكس ويطرد النحس ويجلب الحرفاء ولو من أخر الدنيا .
                   اليوم الذي لا يرش فيه ماء البحر يكاد لا يعمل فيه حتى يعم الكساد ويكثر من التثاؤب ويعم القلق أرجاء الدكان الصغير.
المرش والعطار والموس والألكول والمناشف والمشط أولئك هم أبطال المكان                    
يعتني عم شعبان بأبطال مكانه فيمسح المرش بشوليقة نظيفة ويزيد في العطار الذي يتوهم الحرفاء أنه من الزهر المقطر ويمسك بالموس لشحذه بقطعة من الكاوتشو الأسود الغليظ وينشر المناشف أمام الدكان اذبها يعلن عن الدكان المفتوح ويجعلها دائما في حالة جيدة ترغب الحرفاء في الإقبال عليه لملء الكراسي المصففة على الحائط الندي التي تنتظر من يجلس عليها .
                      بالعرقية البيضاء التي تغطي صلع رأسه يبرز الوجه البشوش لعم شعبان الذي لا يكف عن الابتسام وترى في عينيه الصغيرتين اتقاد الذكاء وألمعية الخبير بالمكان

                      يتباهى عم شعبان بأنه  يضاجع زوجته مرتين في الأسبوع رغم تقدمه في السن وهي لاتمتنع عن آداء واجبها لأن طاعة الزوج من طاعة الله بل إن عم شعبان يكرّر على مسامعها ومسامع الحرفاء بأنها لن تدخل الجنة إلا إذا كان راضيا عنها
                       الزوجة لن تدخل الجنة إلا إذا رضي عنها زوجها ...هذه هي العبارة الأثيرة التي يرددها عم شعبان على مسامع الكل ثم يضيف :
أش نعمل أنا راجل ربي عطاني القوة مرتي يلزمها تحمد ربي وتبوس يديها وجه وقفا                 
يعتقد عم شعبان أن المرأة نهمة جنسيا حتى وان تظاهرت بالعكس ...وله ما يؤكد اعتقاده                
لقد اشتكى سيدنا علي كرم الله وجهه النهم الجنسي لفاطمة الزهراء ..نعم اشتكاها لوالدها رسول الله حتى كان علي. مضطرا للاغتسال عشر مرات في اليوم .فلما علم رسول الله بما تفعله فاطمة بعلي تعمد البقاء أمام باب بيتها فلما خرجت ضربها الرسول (عليه الصلاة والسلام )على مؤخرتها فسقطت منها 43 دودة وبقيت دودة واحدة عالقة بها ومنذ ذلك الوقت ونحن نعاني دودة المرأة تلك

                          هذا ماكان يردده عم شعبان في وثوق فيتحدث حديث العارف المتيقن شاكرا فضل رسول الله الذي خفف على رجال أمته من دود النساء

                                      

                            يعتقد عم شعبان أن سر قوته الجنسية يعود إلى سببين أولا نهوضه الباكر للاعتناء بسانيته في الكرنيش حيث يسقي الغرس ويقلم الأشجار ويطعم الكلب والدجاج ويخرج أوراق الأشجار الميتة ويقتلع الأعشاب الطفيلية ويستصلح ما يمكن إصلاحه كل ذلك وغيره يكلفه جهدا هو بمثابة الرياضة التي يمارسها كل صباح
                              السبب الثاني هو التغذية فهو يتجنب الغلال التي تباع ولا يأكل إلا ما تنتجه السانية ولا يفوت يوما لا يأكل فيه العسل والمقويات بشتى أنواعها لذلك هو شباب على الدوام .
أخبار  " البرط  " لا تفوته منها شاردة ولا واردة يعرف الدخل اليومي لقهوة قلوز ويعرف فاضل جاره الأعزب والسر الحقيقي وراء عزوفه عن الزواج ويعرف الخلاف بين طاهر وشقيقه ياسين الحجام الذي ينافسه في البرط ويسخر من أرملة الملياني التي تزور ضريح زوجها كل مساء خميس وتحمل إلى قبره باقة من الورود فيضحك حتى يبرز نابه الذهبي ويقول :  هل هو مسيحي حتى تحمل الزهور إلى قبره؟

عم شعبان يكتفي بذر حبات الزيوان بل التكوكة كما يحلو له تسميتها على القبر حتى تأكل العصافير تلك الحبات وتدعو بالرحمة للميت الذي كان سببا في إطعامها . 

تعليقات