السّطو على الملك السينمائي العمومي

السّطو على الملك السينمائي العمومي

معلوم للجميع أن الشركة التونسية للتنمية السينمائية والانتاج ( ساتباك) كانت تتولّى إنتاج أغلب الأفلام الطويلة والقصيرة إلى غاية منتصف الثمانينيات من القرن الماضي حيث ظهرت شركات خاصة للإنتاج. في منتصف التسعينيات من القرن الماضي تمّت تصفية الساتباك. وقد تمّ تكليفي آنذاك باعتباري خبيرا في المجال(ولازلت) معتمدا لدى المحاكم بالقيام بدراسة لجرد الأفلام التي انتجتها الساتباك أو ساهمت في إنتاجها. وقد أنجزت الدراسة التي تضمّنت قائمة بالأفلام التي انتجتها الساتباك بمفردها وقائمة بالأفلام التي انتجتها بالاشتراك مع منتجين تونسيين وقائمة ثالثة بالأفلام التي أنتجتها مع منتجين أجانب. وقد كاد المصفّي أن يعلن بيع أصول تلك آلافلام بالمزاد العلني باعتبارها من أملاك الساتباك التي تقرّرت تصفيتها. لكنّ الهياكل السينمائية تحرّكت وتقرّر أن تحال حقوق الأفلام التي انتجتها الساتباك إلى وزارة الثقافة مع امكانية أن يشتري أصحاب الأفلام التي انتجت بين الشركة وخواص حقوق تلك الأفلام. وقد تضمّنت تلك الدراسة تحديد قيمة حصّة كل فيلم بأسعار تفضيلية لإتاحة الفرصة للمنتجين التونسيين لشراء حصص الساتباك في تلك الأفلام.وعلى حدّ علمي لم يتقدّم أحد من المنتجين لشراء حصص الساتباك في ايّ فيلم تونسي  أو أجنبي شاركت الساتباك في إنتاجه. أسوق ذلك باحتراز وأرجو أن يصحّح لي أيّ طرف يملك ما يفنّد ما أقول. 
أثير هذه المسألة الآن وهنا على إثر عرض فيلم viva la meurte الذي شاركت الساتباك مع جهات فرنسية في انتاجه سنة 1970 في قسم cannes classics بعد ترميم ورقمنة الفيلم من طرف سينيماتيك تولوز وهو دور منوط بعهدة السينيماتيك الوطنية التي لم نر لها جهدا يذكر في المجال فهي منغمسة في التنشيط السينمائي وتنظيم معارض الصور وعقد الندوات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. 
وقبل عرض الفيلم وأثناء تقديم الحدث أشار من تولّى التقديم الى حضور أحد المنتجين التونسيين باعتباره الشريك التونسي في إنتاج الفيلم مع العلم انّ المنتج المعني كان أثناء إنتاج الفيلم موظّفا في الساتباك وبصفته تلك كان مديرا للإنتاج مع مدير إنتاج ثان يمثّل الجانب الفرنسي. فمن أين جاءت صفته كمنتج ؟! ومعلوم أنّ المنتج هو من يقوم بتمويل كلّي أو جزئي لمصنّف سينمائي ويخوّل له ذلك امتلاك الحقوق التجارية والتصرّف فيها بقدر ما تمثّله حصّته في تمويل المصنف. 
إنّ حصّة الساتباك في الفيلم المذكور أحيلت ملكيتها منذ قرار تصفية الساتباك إلى وزارة الثقافة وهي بالتالي ملك عمومي لا يحقْ لأحد ادّعاء ملكليتها. ويتوجّب على هياكل وزارة الثقافة المعهود لها بتسيير القطاع السينمائي إنارة الرأي العام حول هذه المسألة ووضع النقاط على الحروف حتّي نتبيّن الخيط الأسود من الخطّ الأبيض أو بالأحرى الخطّ الأحمر فالسّطو على الملك العمومي خطّ أحمر. وأخشى ما أخشاة أن تكون هذه الحادثة هي الجزء الظاهر من جبل الجليد. 
ولنا عودة للموضوع بمزيد من التفاصيل.  
محمد الراضي تريمش.

تعليقات