ماذا فعلت بآلهتنا يا غزي؟

بقلم: محمد المي

التدوينات التي كتبها الشاعر الكبير والجامعي المعروف محمد الغزي أثارت الرأي العام الثقافي ولاقت ردودا هوجاء ذكرتني بما فعله الانبياء عندما جاؤوا بالمعجزات لأقوامهم وهدموا الثوابت وكسروا ما استقرت عليه أذهانهم وما تعودوا عليه.

لذلك لم أجد أفضل من توظيف الاية القرانية التي جاءت في محكم التنزيل في شأن ابراهيم الذي اعمل معوله النيتشاوي ( نسبة إلى نيتشه صاحب المطرقة الهدامة) .

طبعا لو قالها من هو أقل درجة من الغزي لما أثار ما أثار من ردود الفعل ولاعتبر محاولة لقتل الأب وشكلا من اشكال المراهقة الفكرية والاندفاع والتحمس...الخ .

لكن ان يقولها محمد الغزي القيرواني المحافظ والجامعي واشدد هنا على صفة الجامعي فانه قد جاء شيئا فريا.

عدم الثوابت وكسر القناعات وزعزعة ما استقر في الأذهان مغامرة غير محمودة العواقب وما يمكن ان يترتب عنها.
تجرأ الغزي يتجاوز الجرأة على المسعدي لأنه ينطوي على بنية فكرية رافضة ملت وكلت ومجت الواقع والمكرس وهنا تكمن الخطورة. خطورة النداء الانشقاقي والصوت المختلف . هاهنا نتذكر صاحب الخيال الشعري عند العرب وكيف واجهته الرجعية الفكرية التي أحست بخطورة خطابه الانشقاقي مثلما نفهم طبيعة الذين عارضوا صاحب "في الشعر الجاهلي" لأن القبول بالمنطلقات يعني التسليم بالنتائج.

أن نسكت اليوم على صرخات الغزي ونتجاهل معوله الذي رشقه في رأس كبيرهم الذي علمهم السحر فذلك يعني التسليم بما سينجر عن ذلك من إعادة النظر لا في المسعدي فقط بل في نمط التعليم وبالتالي في نمط التفكير الذي يتجاوز العصف بمنجز العروسي المطوي وجيله وما رسخه عبد القادر المهيري وأتباعه لتمس بنية التفكير التراثي الذي تحدث عنه حسين مروة في النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية.

لذلك فان صرخات الغزي لا يجب ان تكون في واد غير ذي زرع بل يجب ان تجد صداها لدى الجيل المختلف وغير القانع بالمستقر والرافض الموجود .

تعليقات