توفيق الجبالي يفتتح مهرجان الحمامات

بقلم: محمد المي
الدورة 56 من المهرجان الدولي بالحمامات يفتتحه توفيق الجبالي بمسرحية عنوانها: على هواك مهداة إلى رفيقة حياته الراحلة زينب فرحات.

منذ البداية أقول ان هذا العرض خيب آمالي رغم نجاحه الجماهيري وهنا أتحدث عن العمل المسرحي لا عن العرض الفرجوي مفرقا بين هذا وذاك اذ ان توفيق الجبالي راكم في تجربته بما يسمح له ما لا يسمح به لغيره وهناك من يتابع اي عمل يقدمه توفيق الجبالي ويقرر نجاح العمل قبل مشاهدته.
هذا ينسحب على عديد الاسماء مثل الجعايبي.

جمهور المسرحية مضمون منذ البداية وخاصة جمهور توفيق الجبالي ، أغلبه ممن يتوهمون أن توفيق الجبالي يمثل الإلتزام والخط المعارض للنظام رغم ان مسرحه يقع في فضاء كويتي حصل عليه بعد امضائه على عريضة تدين تدخل صدام حسين للكويت.

وهذه مشكلة الايديولوجيا وجماهيرها التي لا تبصر الحقيقة إلا من جانب واحد.لا اعتقد ان توفيق الجبالي ملتزم سوى اذا كان الإلتزام يعني الدفاع عن مصالحه الشخصية والمادية تحديدا لذلك اتفرج على مسرحه دون غشاوة أو حجاب فلا أرى مسرحا. 

رغم كل هذا فانه استطاع تأمين جمهور ومدافعين عنه ومتعصبين له لا علاقة لهم بالمسرح بقدر مالهم علاقة بالايديولوجيا.( أيام الجامعة كنا نصفق للطالب المعارض حتى ان قال تفاهات)

ربما لهذا نتفهم اختيار إدارة مهرجان الحمامات لتوفيق الجبالي ليؤمن عرض الافتتاح وما أدراك ما عرض الافتتاح وكأن الفرجة مضمونة والمتعة مضمونة والنجاح مضمون. مادام صانع الفرجة الجبالي أو الجعايبي.

الحق أن الجبالي في العرض الذي قدم نجح من حيث استقدام جمهور يؤمن به فضلا عن اسم زينب فرحات الذي يستهوي النساء الديمقراطيات وبعض اليساريين وبعض من الذين يعتبرون المسرح لا يختلف عن حجرة سقراط ليكون مجالا لانتقاد النظام وسحل رموز الحكم . اولئك الذين لا يفرقون بين وظيفة الفن والنضال الايديولوجي.

شخصيا لم تعجبني المسرحية فقد وجدتها محاولة لاجترار مسرحية كلام الليل بطريقة رديئة للغاية اذ أن السياق الاجتماعي والسياسي الذي قدمت فيه كلام الليل يختلف اختلافا جذريا عن السياق الحالي.
كلام الليل قدمت زمن الكبت السياسي والقمع والرقابة وبالتالي فان الكلمات تكتسب معنى حتى ان كانت لا تقصده ولا تعنيه فأي كلمة يقولها الممثل تصبح لها دلالة ويكون ايقاعها مختلفا.
ومسرحية " على هواك " لم تتوفر لها الظروف نفسها ؟ فنحن في عهد الحريات وكل شيء قيل ويمكن أن يقال ولا رقيب ولا حسيب...وبذلك تفقد الكلمات معناها ومدلولاتها ويصبح من العبث بل من قبيل المزايدة ما كان موحيا في كلام الليل ان يكون موحيا في على هواك ! 
تقصد توفيق الجبالي أن يكون أغلب كلام مسرحيته نابيا ، سوقيا ، مستوىدا من لغة سقط الشعب وأراذل الناس لغاية احداث الصدمة واستفزاز المشاهد...وهذا لم يعد عملة نادرة في زماننا وعصرنا الجديد .
المشكلة أن الممثلين أنفسهم تقمصوا شخصيات ممثلي مسرحية كلام الليل ففيهم من أراد استعادة توفيق الجبالي وفيهم من أراد استعادة الأرناؤوط..الخ لذلك كان العمل مهترئا حتى ان لوحاته كانت كالمزق التي ترقع ثوبا باليا.
الشيء الوحيد الذي نجح في تقديري هو استخدام الاضواء فيما تم تسجيل فشل ذريع للموسيقى التي مثلت العمود الفقري للعمل.
تشعر بأن الممثل الممسك بالآلة الموسيقية كالممسك بأي أداة اذ العلاقة بينه وبين ما يمسك اعتباطية بالضرورة.

لقد طغى الخطاب المباشراتي على الفني وسيطرت الايديولوجيا على الابداع حتى افرغ المسرح من محتواه فكانت شطحات ولخبطات لا تدل على المسرح بقدر ماتشي بانتهاء تجربة ومحاولة النفخ في جثة.

تعليقات