مع أضخم معرض تبقى مشكلة المتحف

بقلم: محمد المي
  نجح محمد الحشيشة في اقامة أضخم معرض للفنون التشكيلية في تاريخ تونس اذ بعد المعرض الذي اقامه الزبير التركي سنة 1977 عند افتتاح مركز الفن الحي بالبلفدير وكان خاصا باللوحات المسندية فقط فان الدولة عجزت عن اقامة معرض استيعادي تبرز فيها مخزونها في الفنون الجميلة.

المعرض الذي اقيم في مدينة الثقافة بمناسبة انعقاد القمة اليابانية الافريقية كان فرصة لاستعراض المخزون المركون في الدهاليز المهملة وغير المهيأة لاحتضان أعمال فنية أنجزت منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
طبعا لا وجود لمتحف في مدينة الثقافة فمنذ 2016 لم تنجح الادارت المتعاقبة في افتتاح هذا المتحف رغم الميزانيات الضخمة التي صرفت وقيمتها حوالي عشرة مليارات من مليمات دافعي الضرائب ؟
وقد قلنا منذ سنوات إنه لا وجود لمتحف طالما ليس له بناية مستقلة ولنا في متحف باردو أفضل نموذج فعندما أغلق الرئيس قيس سعيد البرلمان أغلق معه المتحف ؟ وحرم السائح من دخول متحف باردو .

سيحصل الأمر نفسه لمتحف الفن الحديث والمعاصر اذا اغلقت مدينة الثقافة لسبب أو أخر. فضلا عن عدم تنصيب مختص في المتاحف ( والمتاحف علم) فالوزارة اصدرت بلاغا لانتداب مختص في الفنون التشكيلية ؟ ليكون على رأس المتحف! وهذا ضرب من ضروب الخور وعدم الفهم.

هل تكون من وقع انتدابهم للعمل في المتحف ؟ ماهي البلدان التي تكونوا فيها ؟ وما هي المتاحف التي زاروها ؟ وما هي اختصاصاتهم ؟ وهذا مظهر من مظاهر عدم الفهم ! أو عدم الرغبة في الفهم.
تعود الآن الى المعرض الذي اقامه محمد الحشيشة وقلنا إنه اضخم معرض لكونه يضم حوالي 400 عمل فني (لوحات مسندية ، خزف ، نحت, صور فوتوغرافية ، زرابي، تنصيبات فنية) لأجيال مختلفة وتيارات متعددة ولأسماء مكرسة ولأسماء لم تترسخ بعد في الذاكرة وفي العمل الابداعي.

سيصدر كتاب فني ضخم خلال الأيام القليلة القادمة بثلاث لغات أسهم في كتابته عديد الأسماء وهذا في حد ذاته جيد اذا نظرنا من زاوية اعتبار الدولة الفن التشكيلي هاما وهو الاقدر على (ستر الوجه) فكان هذا المعرض  رغم اختلاف الآراء حوله المنقذ والنقطة المضيئة التي نقدر ان نفاخر بها.

لقد واكبت عمل الفريق الذي اشتغل معه محمد الحشيشة وفي وقت قياسي ( حوالي الشهر) تم اعداد المعرض والكتاب وتشغيل جزء مشلول في مدينة الثقافة. لقد اشتغلت كل أجزاء المدينة ألا ما سمي تعسفا بالمتحف فقد بقي ( مرمة محلولة) .

لا اعتقد ان هناك من يقدر على افتتاح " المتحف" وسيظل كذبة شبيهة بكذبة افريل .

لذلك لا يسعنا ألا الاشادة بالجهد الذي بذله محمد الحشيشة وفريقه للوصول إلى هذه المرحلة . اعني مرحلة كسر حاجز المعرض الكبير واقتحام الفضاء الذي بقي مظلما منذ 2016 أو كالعضو المشلول في المدينة.
لقد أشعت الانوار والأكيد ان ارواح الفنانين ترفرف هناك استبشارا باخراج اعمالهم والتذكير بجهودهم وبأسمائهم.

يبقى السؤال هل سيحج طلبة معاهد الفنون الجميلة لمواكبة هذه الفرصة واستغلالها ؟ 
هل ستسيل أفلام نقاد الفن لمراجعة ماترسخ في أذهانهم ؟ هل ستحسن وزارة الثقافة التسويق لهذا المعرض ؟ هل ستنتبه له وسائل الاعلام ...الخ اسئلة عديدة نرجو أن نظفر باجابات مقنعة عنها.

تعليقات