مناقشة هادئة لكتاب شكري المبخوت (2)

 


بقلم : محمد المي

يقول شكري المبخوت في مقدمة كتابه : "يتناول هذا الكتاب ما وضع من تواريخ للأدب التونسي قصد النظر في بعض قضاياه ومسائله وتحليل التصورات التي صاغها من كتبوا هذه التواريخ والإشكالات الواقعة وراءها وهو موضوع بكر لم نر من الباحثين من اهتمّ به "

           لن أتوقف الآن حول جدة الموضوع من عدمه لأن لي غاية من وراء ذلك ولكنني سأتابع   ما جاء في هذه المقدمة لأننا إذا سلّمنا بالمنطلقات سنسلّم بالنتائج لذلك لا بدّ من التوقّف عند هذه المقدمة التي تحتمل نقاشا كبيرا

يقول في الصفحة 15 : " ...وللمدرسة في هذا أحكامها ولمؤلفي الكتب المدرسية اختياراتهم كي توفّر المدونات النصيّة إمكانية بلوغ الأهداف المرجوّة من درس الأدب "

          هذا الكلام يدلّ على أن الأستاذ المبخوت لم يكن معنيا بما يجدّ في المدرسة التونسية وأنه كان منكفئا على دروسه يتابعها ولا يعرف ما يدور خارجها ذلك أن من درّس في التعليم الثانوي يعلم علم اليقين أن الكتب المدرسيّة كانت تخضع لا لاختيارات مؤلفي الكتب المدرسيّة بل لتوجّهات السلطة الحاكمة فقد حدث هذا في إصلاح المسعدي للتعليم ثم في إصلاح مزالي  وأخيرا في إصلاح محمد الشرفي فعندما كان مزالي في الحكم وأراد ادراج خطبه السياسية وقع تغيير الكتب المدرسية وأدرجت نصوص البشير بن سلامة والطاهر الهمامي والحبيب الزناد ومحمد فرج الشاذلي والطاهر قيقة ومصطفى الفارسي ومحمد العروسي المطوي ومحمد رشاد الحمزاوي وعبد القادر بلحاج نصر ...الخ وأصبحنا نتكلّم عن التونسة والهوية والأصالة والمعاصرة ..الخ

وعندما جاء محمد الشرفي وكلّف الفيلسوف حمادي بن جاء بالله بتجفيف الينابيع للتصدي للاخوان قام هذا الأخير صحبة العديد من الجامعيين بهذه المهمّة وخضعت البرامج المدرسية لا إلى اختيارات مؤلفي الكتب المدرسية بل إلى توجهات السياسة القائمة آنذاك فالأهداف المرجوة من درس الأدب لم تكن تعليمية خالصة وإنما كانت إيديولوجية أيضا.

تعليقات