مناقشة هادئة لكتاب شكري المبخوت (4)

 


بقلم : محمد المي

يقول شكري المبخوت في مقدمة كتابه : "...ولهذا الضعف سبب آخر أبرز . فالجامعة التونسية ’ منذ تأسيس جامعة تونس رسميّا (سنة 1960) ’ لم تهتم كذلك بتدريس تاريخ التونسي "

السؤال كيف للجامعة أن تدرّس تاريخ الأدب التونسي وهي لاتدرّس الأدب التونسي نفسه حتى أن الحاصل على شهادة الأستاذية في اللغة والأدب والحضارة العربية لا يعرف شيئا عن الدوعاجي أو العريبي أو بوشربية أو ماناشو أو البهلي النيّال ...الخ إلا من رحم ربك وعندما قلنا هذا مرارا وتكرارا اتهمنا بعدائنا للجامعة والجامعيين ؟ فالحمد لله أن شهد شاهد من أهلها .

يقول المبخوت في الصفحة 23 من كتابه المذكور : " وكان من الممكن أن يستمرّ هذا الوهم الذي يبدو حقيقة قائمة لو لم ينهض الشيخ محمد الفاضل بن عاشور لكتابة تاريخ "الحركة الأدبية والفكرية في تونس "..في سياق جامعي مدرسي مخصوص (...) فوضع أول كتاب تأليفي في تاريخ الأدب التونسي الحديث ..."

لم أفهم ماذا يعني بالسياق الجامعي المدرسي ؟ فالشيخ محمد الفاضل ابن عاشور ليس جامعيا إلا إذا اعتبرنا كلمة الجامعة الزيتونية تعني الجامعة فكلّ مشائخ الزيتونة جامعيين ؟

أما بالنسبة إلى معهد الدراسات العربية العالية فهو قسم يتبع الجامعة العربية ومقرّه بالقاهرة حيث وجهت الجامعة العربية اهتمامها للتعريف بثقافة الدول المستقلة  حديثا فتمت دعوة الشيخ الفاضل كما تمت دعوة الأستاذ عثمان الكعاك وغيرهما من تونس ومن دول عربية أخرى وفي تلك الفترة كان الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور مفتيا للجمهورية التونسية ورئيسا للجمعية الخلدونية ومحاضرا في جامع الزيتونة المعمور الذي لا علاقة له بالجامعة التونسية التي تأسست سنة 1960 .

وهنا لم أفهم كذلك اعتباره لكتاب الحركة الفكرية والأدبية كتاب تاريخ للأدب ؟ فكتب تاريخ الأدب لها مناهج معلومة تتبعها كالتحقيب الزمني أو الأغراضي مثلما فعل بلاشير أما الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور فقد ألقى ستّ محاضرات ثم أضاف إليها محاضرتين ولم يعتمد منهجا تاريخيا في محاضراته وإنما تحدث عن المؤسسات التي نشأت فيها الثقافة أو لنقل ما قاله فرحات الدشراوي "دعائم النهضة بتونس "

فضلا عن عدم توفّر "القصدية " أي إن الشيخ الفاضل لم يؤلّف كتابا في تاريخ الأدب ولم يقصد ذلك بل حاضر وكانت محاضراته تراوح بين الارتجال والمكتوب ولذلك طغت عليها روح المقارنة بين الوضع في تونس ومصر فقد كان يقارن بين البيئة المصرية والبيئة التونسية لأن المقام تطلّب ذلك بحكم أنه ألقى محاضراته في القاهرة أمام جمهور مصري فاحتاج إلى عقد مقارنات ليقرّب مواضيعه التي يتحدّث عنه إلى أفهام السامعين .

وفي كتاب الشيخ محمد الفاضل عدّة مواضيع تدعو إلى النقاش والتثبت لأنه أورد قصة مسروقة من المنفلوطي ونشرها الشيخ محمد مناشو باسمه ولم يتفطّن إليها الشيخ محمد الفاضل كما أن هناك العديد من مجايلييه اضطر إلى مجاملتهم وعدة مسائل لا يتسع المقام للإفاضة فيها .

لنا عودة

 

 

تعليقات