أزمة النشر في تونس

بقلم: محمد المي

      ويمر الكتاب التونسي بأسوإ مراحله باعتباره صناعة ثقافية تختلف عن السينما والموسيقى والمسرح..الخ 
فالأزمة خانقة بحكم عدة ظروف أبرزها: 

✓ ارتفاع تكلفة الطباعة فالورق مستورد والات الطباعة مستوردة وقطع غيارها مستوردة والحبر مستورد...الخ واليد العاملة ارتفعت كلفتها...وكل ذلك انعكس على تكلفة الكتاب فارتفع سعره.

✓ قلة المكتبات التجارية في الجهات اذ ان أغلب جهات الجمهورية التونسية تبيع الأدوات المدرسية ولا تروج للكتاب الثقافي (الرواية ، الشعر ، المسرح ، الدراسة النقدية...الخ) .

✓تخلي كل الوزارات (أستثني الثقافة) عن دعم الكتاب بما فيها وزارتي التربية والتعليم العالي والوزارة الوحيدة التي بقيت تعاني عبء الكتاب هي وزارة الثقافة ؟! حتى ان الجامعيين أصبحوا في مزاحمة مع المثقفين لأن وزارتهم لا تشتري ما أنتجوا لذلك تجد أطروحات جامعية تنتظر نصيبها من الدعم الثقافي! 

 ونظرا لاستفحال الأزمة فقد انعكس ذلك على كمية شراء الكتب حيث أصبحت وزارة الثقافة تقتني من الكتاب الثقافي 50 و70 نسخة بل 30 نسخة احيانا ؟ في الوقت الذي توجد حوالي 500 مكتبة عمومية في مختلف أنحاء الجمهورية ؟ أي إن الوزارة لا توزع التي تقتنيها! واذا وزعتها فان هناك مكتبة يصلها كتاب واخرى لا يصلها ؟ فالمعرفة ليست للجميع ؟ 
الحل:
      لا يكون الحل ألا برسم خطة وطنية شاملة تقترحها وزارة الثقافة وتلزم بها الرئاسة بقية الوزارات اذ من واجب وزارة التعليم العالي اقتناء الكتب التي يصدرها الجامعيون لأن في كل كلية هناك مكتبة ويجب تزويد هذه المكتبات
الشيء نفسه بالنسبة إلى وزارة التربية والتعليم التي كانت توصي بنشر كتب وتدعم أخرى...وفجأة تخلت عن واجبها.
ثم ماذا عن وزارة العدل التي تزخر سجونها بمكتبات وماذا عن وزارة الصحة ومستشفياتها ؟ ووزارة النقل في مختلف محطاتها حيث ينتظر المسافر بالساعات ولا يجد ما يسليه ؟

    أتحدث هنا عن واجبات الدولة لانقاذ الكتاب وتكريس ثقافة القراءة والمطالعة لأن الكتاب في خطر حقيقي ذلك ٱن الناشر التونسي اصبح يطبع من الكتاب ثلاث أو خمس نسخ بالمطبعة الرقمية وينتظر اقتناءات وزارة الثقافة ليسحب عدد النسخ المطلوبة! أي إن الناشر اصبح يمارس التحيل وله العذر كل العذر وكأن الوزارة اصبحت تشجع التحيل أو تتستر على التحيل ؟ 

الحل لا يكون إلا وطنيا قصد تجاوز أزمة استفحلت وستكون انعكاساتها خطرة على الكل.

تعليقات