قراءة في فيلم فاطمة المرنيسي

بقلم: محمد المي
من وحي كتابها " سلطانات منسيات" اخرج عبد الهادي التازي فيلما روائيا طويلا عنوانه: "فاطمة السلطانة التي لا تنسى" تناول فيه شخصية الباحثة النسوية فاطمة المرنيسي محللا لحظات ضعفها الإنساني ومبرزا دورها الاجتماعي الذي قامت به في المغرب بعد أن حصلت شهائد عليا من باريس وامريكا ولكنها ولدت وماتت في المغرب وكرست كل جهودها الفكرية للمغرب متخذة من المكان مبحثا اجرائيا.
     لقد صاغ المخرج فيلمه الطويل بذكاء كبير حيث كان كمن يخلص خيوط الحرير من الشوك. فقد عبر عن ولاء فاطمة المرنيسي المعارضة لثقافة المخزن عندما ذكرت جلالة الملك محمد الخامس مترحمة عليه مرتين. واوضح ان المرنيسي لم تلاق معارضة من النظام الحاكم الذي لم يحجز كتبها ولم يمنع نشرها وانما لاقت معارضة من زملائها في الجامعة ومن المتزمتين.
     لم يجعلها المخرج رائدة في مجالها وانما سائرة على نهج من سبقتها في المغرب وتونس ومصر وتركيا وإنما ميزها عنهم بالعمل الاجرائي والاتصال المباشر بالنساء في القرى والارياف على غرار الدعاة.
       أبان المخرج عن انسانة عادية تغني وترقص وتسبح في البحر بالمايو كسائر المغربيات المتحررات ولا تعزف عن العلاقات مع الرجال رغم أنها اختارت عدم الزواج. كانت تملأ حياتها بالبحث والترجمة والدراسة والتأليف وتحب سماع الموسيقى والشعر. 
      لم تكن فاطمة المرنيسي تفرح لأن كتبها منعت وإنما كانت تحزن وتبكي وتتألم كما يتألم الانبياء لعدم فهم من ارسلوا إليهم لرسالاتهم. لقد أخرج التازي المرنيسي من الصنمية وابرز الإنساني فيها لينتهي به المطاف ان ينهي فيلمه باعلائها مكانا قصيا ومرتفعا اتخذه الأولياء الصالحون للتعبد وكأن لسان حاله يقول علينا اعتبار فاطمة المرنيسي لا تقل أهمية عن اولياء الله الصالحين الذين جاؤوا بالهدى لأقوامهم ومابذلته يتجاوز ماقدمه المواطن العادي لمواطنيه. 
فيلم محافظ عن امراة تمردت على كل ماهو محافظ
    فيلم تطعغى عليه الديبلوماسية ويسيطر عليه الهدوء وقد نجح في تكريم رمز من رموز الفكر التنويري العربي . لذلك يستحق المشاهدة 

تعليقات