أين تونس من المغرب ؟3

بقلم: محمد المي

يبلغ عدد سكان الدار البيضاء 12 مليون نسمة أي أكثر من عدد سكان الجمهورية التونسية وهي ثالث عاصمة في افريقيا من حيث الاكتظاظ بعد القاهرة ونيجيريا واسمها الامازيغي " أنفا" اي : التلة وربما سميت كذلك لموقعها المرتفع على خط المحيط حيث كانت قبلة يهتدي بها البحارة ولذلك هي اليوم تتوفر على ميناء ضخم.
في اليوم الأول من وصولي كنت على موعد مع صديقي النحات الكبير الصحبي الشتيوي الذي يسكن في منطقة المعاريف لا تبعد عن نزل الموقادور الكبير ( الاسم القديم لمدينة الصويرة هو موغادور) الذي اقيم فيه وهناك كان لي معه لقاء في ورشته التي يعكف فيها على انجاز منحوتاته وليس ببعيد عنها يمتلك رواقا فنيا سخره لعرض أعماله الفنية ورواقه ينقسم إلى ثلاثة طوابق ( أسفله ورشة وباقيه معرض لمنحوتاته النحاسية) بل ان ما شاهدته في رواقه لا يحوي إلا بعضها لأن اغلبها موجودة في مداخل مدن مغربية واذكر أن صادفتني  منحوتة عملاقة في مدينة مكناس
وهي منحوتة " السقاء" شدتني دون أن اعرف أن انامل الفنان التي قدتها هي انامل تونسي من ربض باب سويقة يدعى الصحبي الشتيوي...كم كانت سعادتي كبيرة وازدادت سعادتي بل افتخاري به عندما زرت ورشته ورواقه وعاينت نجاحه وتفوقه.
يبلغ الصحبي الشتيوي السبعين من العمر وهو لا يكترث بالسن اذ هو لا يمل العمل ولا يفتر بل يسخر كل وقته للانتاج والابداع.
النحت عنده ليس هواية ولا تسلية في اوقات الفراغ ولا عملا ثانويا بل هو مورد رزقه وهويته لذلك يدمن عليه. 
يحب المغرب قدر حبه لتونس فهو موزع الشغف والقلب. تشعر اذا دخلت ورشته بالفخر أن هذا العبقري هو تونسي وان هذه العبقرية قد لاقت حظها في بلاد المغرب مثلما نجح ابن خلدون عندما خرج من تونس الى المغرب. يبدو أن المغرب هي امتدادنا نحن التوانسة بل ان المغاربة يحبوننا مقارنة بجيراننا المشتركين الجزائريين.
دعاني السي الصحبي ( المغاربة لا يقولون سي فلان بل السي فلان) إلى عشاء وكان ينوي استضافتي في مطعم فخم وقد خلع ميدعته البيضاء وترك العمل من اجلي غير أننا وجدنا المطعم قد أغلق ابوابه فاضطر لاستضافتي في بيتزاريا وقد لاحظت ان الجميع يكن له التقدير حتى ان صاحب المطعم رفض ان يدفع السي الصحبي ثمن ما اكلنا.
لقد أحب الصحبي الشتيوي المغرب فبادلته الحب بحب اذ هو الذي جسم المسيرة الخضراء في منحوتة وقدمها هدية الى البرلمان المغربي ومنحوتته توجد في قلب البرلمان المغربي وهذا اشعاع للتوانسة خارج الحدود.
يتبع

تعليقات