هموم تونسية: عن السعودية مرة أخرى

بقلم: محمد المي

  قال لي أحد اصحابي ممن قرؤوا مقالي الأخير أنني بالغت بعض الشيء عندما قلت ان السعوديين سبقونا الى الحضارة بأشواط! 
صاحبي هذا اندهش لما اعلمته أن عدد سكان مدينة الرياض هو عدد سكان الجمهورية التونسية.
واندهش لما أكدت له ان هذه المعلومة يمتلكها بين يديه وما كان في حاجة لي كي يعرفها فهي كامنة في هاتفه الجوال كمون النار في الحجر اذ يكفي ان ينقر كنقر الدجاج على محرك البحث الشيخ قوقل _ رضي الله عنه وأرضاه _  حتى يعرف عدد سكان مدينة الرياض.
ومن هنا نبدأ 
وأنا استعد إلى السفر اوصاني العلامة الراهيم شبوح ان أوصل كتابا الى مدير مركز البحوث والتواصل المعرفي فما ان وصلت حتى طلبت رقم قاصدي عبر تقنية الواتساب _ غفر الله لها _ حتى اجابني وبمجرد معرفته اسم النزل ارسل الي سائقا سودانيا ليقلني إلى حيث اوجده الله فلما ركبت السيارة غفلت عن وضع حزام الأمان فطلب مني السائق بكل رفق وضع حزام الأمان.
سألته هل تراقب الشرطة سواق السيارات في السعودية ؟ قال لا لاوجود للشرطة في الطرقات ولكن هناك اخطر من الشرطة وهي كاميرا المراقبة التي ستلتقطني وأنا داخل السيارة ولن يتحمل السائق دفع الخطية المالية بل سادفعها أنا الزائر عند مغادرتي مطار الرياض الدولي ولن أتمكن من مغادرة السعودية الا بعد دفع الغرامة ؟ 
قلت كيف ؟ افهمني يا أخ العرب! ورب الكعبة لم افهم. 
قال السائق السوداني انهم اخذوا كل بياناتك الشخصية وانت تدخل أول مرة وبذلك فأنت مراقب اينما ذهبت.
طبعا فهمت ولكني لم استوعب.
وصلت مركز البحوث والتواصل المعرفي فصادفني في بابه الصديق الجامعي فوزي البدوي فسأل كلانا الآخر _ هذه عادة تونسية _ ماذا تفعل هنا ؟ كل جاء إلى حاجته.
عندما دخلنا مكتب مدير المركز افردوا أنا مركزا وسطا في المجلس فكان على يميننا بعض اخواننا السعوديين وعلى شمالنا بعض اخواننا في الإنسانية من الصينيين الذين يتكلمون العربية أفضل مما نتكلمها.
دعينا للحضور معهم في احتفالية صغيرة فكان الصديق فوزي البدوي إلى جانبي وكأن كلانا يلوذ بالآخر اذ كان يلكزني بمرفقه وكنت اهمس اليه في اذنه: أين نحن من هؤلاء ؟ 
لقد علمنا ان السعودية ترسل كل عام 2200 طالبا للدراسة في الصين وأنهم ترجموا 50 كتابا سعوديا إلى الصينية وترجموا 50 كتابا صينيا إلى العربية.
طبعا لا أحد هناك يتكلم الفرنسية الفصحى بل الكل يتكلم الانقليزية حتى السائق السوداني يتكلمها. 
لا معنى للفرنسية ولا جدوى منها ولا طائل من ورائها والأمي الحقيقي هو الذي لا يعرف لغة شكسبير.

تعليقات