بقلم / محمد المي
فنان تونسي آخر يرفع عنه
الغبن في هذه البلاد التي كتب على مبدعيها الجحود والنكران والنسيان والتجاهل لولا
بعض الجهود الفردية التي تبرز من حين لآخر من طرف أشخاص مقابل غياب إرادة المؤسسات
والهيئات والوزارات أي مؤسسات الدولة الرسمية التي لا تعير أهمية لجهود المبدعين
والفنانين والكتاب ممن قدموا الإضافة لبلادهم في زمن من الأزمان .
الفنان التونسي الذي أعني هنا هو محمود
التونسي
والكاتب الذي تصدى للكتابة عنه هو صديقه جلول
عزونة
لقد كتب جلول عزونة عن موطنه منزل تميم عدة كتب محاولا التعريف بمعالمها
وأعلامها ما استطاع إلى ذلك سبيلا وان كانت هذه الجهود التي صرفها تعنى بمنطقة
صغيرة من وطننا الكبير إلا أننا لا نعدم أهميتها بل ليت هناك أكثر من جلول عزونة
في مختلف مناطق بلادنا وكل ينذر جهوده للتعريف بموطنه حتى نعرف أهمية كل شبر من
هذا الوطن العزيز .
محمود التونسي كاتب وفنان تشكيلي معروف كان له باع وذراع ونجح في ميداني القصة
والفن التشكيلي على حد سواء وقد كان كتاب جلول عزونة مبرزا لهذين الجانبين من جهة
التوثيق فوفر مادة للباحثين والدارسين لمزيد النظر في منجز هذا المبدع الذي فارق
الحياة التي لم يعشها بالطول ولكن عاشها بالعرض إذ يكفي أن تتأمل مسار حياته في
الكتاب الموسوم ب" محمود التونسي (1944-2001) حياة وإنتاج "
الصادر عن دار سحر للنشر فيفري 2020
قلت يكفي أن تتأمل مسار حياته لتدرك أنه كان
فاعلا في الحياة السياسية والثقافية موزعا جهوده بين الكتابة والرسم والحياة
الأدبية من خلال المشاركات في الندوات والملتقيات الأدبية والثقافية كما كان
مشاركا في عوالم الفنون التشكيلية بمعارضها المتعددة سواء منها الفردية أو
الجماعية وكان فاعلا في الحياة االسياسية اذ انتمى لحزب الدستور ثم انشق عنه وعاود
الرجوع إليه وانتهى مسؤولا محليا في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وكتب محمود
التونسي في الأدب والفن التشكيلي والسياسة وسافر خارج تونس وتزوج وأنجب وترك ارثا
متكونا من كل هذا في أقل من عمر التقاعد الإداري لذلك قلنا انه عاش حياته بالعرض
لا بالطول وهو جدير بأن يدرس من كل هذه الجوانب وأن يتم نشر مقالاته المنشورة في
السياسة والأدب والفن التشكيلي لتكون وثيقة تعتمد وتكشف عن طبيعة تفكير هذا العلم
الراحل
شكرا لما أنجزه الدكتور جلول عزونة فقد سد
ثغرة ونبه لمجهود رجل أعطى لبلاده الكثير ورغم اختلاف التوجه بينهما مصداقا لما
قاله الصادق شرف
قال لي جلول لكنا التقينا في اختلاف باتفاق
واتفاق باختلاف
بحوار المطر الوارف من بعد الجفاف
بانتماء أنت للحزب القديم
ناقدا كل ارتجالات الزعيم
وانسلخنا نحن للوحدة والوحدة ليست
وطنا فيه نقيم
فانسلخنا من جديد
عن صراع صار في مذهبنا عقيم
وتفرقنا ...ولكن تجمعنا منزل تميم
والحق أن جلول عزونة له قدرة على الاختلاف
وقبول الرأي الآخر وربما مرونته هذه جعلته يفشل سياسيا فكل خياراته السياسية انتهت بالفشل والخيبات وان لم يعلن
عنها رسميا إلا أن المتابع لمسيرته يدرك أنه خلق لغير السياسة وليته صرف جهوده
للأدب والفكر ولم يهدر وقته في اللامعنى
إصداره كتابا عن خصم سياسي يعد خصلة ومزية
فشكرا له على هذه الجرأة والقدرة على تجاوز الخلاف والتفكير بضمير وطني ينأى عن
اختلافات ظرفية
لا يفوتني أن أعاتب الدكتور جلول عزونة عن إغفال
اسم فنان الكاريكاتو علي عبيد في صورة غلاف الكتاب ولا حتى مجرد الإشارة إليه
كما أنبه إلى خطأ ورد في التعريف بمحمود
التونسي كان لا بد من تدقيقه وهو تاريخ التحاق محمود التونسي بمدرسة الفنون
الجميلة بتونس حيث كتب محمود التونسي أنه التحق بها سنة 1964 وأتم الدراسة منها
سنة 1968 وذكر الدكتور عزونة أن تاريخ الالتحاق هو سنة 1963 وتاريخ التخرج سنة
1967 ؟ فبأي التاريخين نأخذ ؟
هل حصل محمود التونسي على شهادة الباكالوريا
؟ أم هو عصامي التكوين فان حصل عليه فمتى كان ذلك وان لم يحصل فان الأربع سنوات
التي درسها في مدرسة الفنون الجميلة تكون غير كافية لحصوله على الإجازة
تدقيقات كنا نود التوقف عندها لإبرازها ولكن
هذا لا يعدم فائدة الكتاب
كتاب جدير بالقراءة
ثمنه 15 دينارا فقط ندعو القراء إلى الإقبال
عليه
تعليقات
إرسال تعليق